المنتدي الرسمي للشيخ السديس
اهلا ومرحبا بك في شبكة ومنتديات الشيخ السديس برجاء التسجيل لتستطيع الرد والمشاركة جعله الله في ميزان حسناتنا
المنتدي الرسمي للشيخ السديس
اهلا ومرحبا بك في شبكة ومنتديات الشيخ السديس برجاء التسجيل لتستطيع الرد والمشاركة جعله الله في ميزان حسناتنا
المنتدي الرسمي للشيخ السديس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المنتدي الرسمي للشيخ السديس

شبكة ومنتديات الشيخ السديس
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 خطب الشيخ المنبرية المفرغة

اذهب الى الأسفل 
5 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
فقه الأخلاق

فقه الأخلاق


عدد المساهمات : 66
التقييم : 5482
تاريخ التسجيل : 22/09/2009

خطب الشيخ المنبرية المفرغة Empty
مُساهمةموضوع: خطب الشيخ المنبرية المفرغة   خطب الشيخ المنبرية المفرغة Emptyالخميس أكتوبر 01, 2009 1:40 am

[
color=red]كيف تكون المحبة إذاً؟! [/color]



:الخطبة الاولى:



الحمد لله الذي منَّ على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، أحمده تعالى وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأثني عليه الخير كله، اللهم لك الحمد كله، ولك الخلق كله، ولك الأمر كله، وإليك يرجع الأمر كله، لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضا، لك الحمد بالإسلام، ولك الحمد بالقرآن، ولك الحمد ببعثة خير الأنام، ولك الحمد بالمال والأهل والمعافاة، ولك الحمد على كل حال.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أرسل رسوله للعالمين فضلاً منه ورحمة، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله، بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، أرسله هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، هدى به من الضلالة، وبصَّر به بعد الغواية، فتح الله به قلوباً غلفاً، وأعيناً عمياً، وآذاناً صماً، فصلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

فيا أيها الإخوة المسلمون: اتقوا الله تبارك وتعالى؛ اتقوه تفوزوا وتفلحوا، واتبعوا سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم تهتدوا، واقتفوا أثره وبنهجه تمسَّكوا توفقوا.

أيها الإخوة في الله: يا أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم! السيرة العطرة؛ سيرة خير البرية عليه من الله أفضل صلاة وأزكى تحية بما فيها من شمائل نبوية، ومعجزات محمدية، ووقائع مصطفوية، كلها معين ثر، وينبوع صاف متدفق يرتوي من معينة كل من أراد السلامة من لوثات الوثنية ، والنجاة من أكدار الجاهلية، بل هي الشمس الساطعة، والسنا المشرق، والمشعل الوضاء، والنور المتلألئ الذي يبدد ظلمات الانحرافات العقدية والسلوكية والاجتماعية وغيرها، وإن حاجة الأمة إلى معرفة سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، والاقتباس من مشكاة النبوة فوق كل حاجة، بل إن ضرورتها إلى ذلك فوق كل ضرورة، فكل من يرجو الله واليوم الآخر يجعل الرسول قدوته، والمصطفى صلى الله عليه وسلم أسوته؛ كما قال عز وجل: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً [الأحزاب:21].

لقد ولد عليه الصلاة والسلام في تلك الربى والبطاح، وكانت ولادته إيذاناً ببزوغ فجر الحق وغروب شمس الباطل، وبُعث من تلك البقاع، وكانت بعثته انطلاقةً لأعظم حضارة عرفها التاريخ قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107] حضارة أسعدت البشرية، وحررت الإنسانية من قيود الشرك والذل و الوثنية ؛ إلى ساحة الإيمان والعلم والحرية، زلزلت كيان الظلم والجاهلية، وحطمت عروش القياصرة، ودكت حصون الأكاسرة.

لقد نشأ عليه الصلاة والسلام في هذا الحمى، وحفظه الله من أرجاس الوثنية ولوثات الجاهلية، ولقد قام صلى الله عليه وسلم بتبليغ دعوة ربه كما أمره الله، وكم أوذي في الله فصبر حتى تحقق له ولأمته العز والنصر والتمكين.

جبله الله على أحسن الأخلاق والشمائل، وخصه بأزكى السجايا والفضائل، وحسبنا في ذلك ثناء ربنا عليه بقوله: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4] تقول خديجة رضي الله عنها: [[كلا. والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق ]].

هاجر صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ورفع راية الجهاد لإعلاء كلمة الله، ودخل الناس في دين الله أفواجاً، وبعد أن بلغ البلاغ المبين لحق عليه الصلاة والسلام بالرفيق الأعلى قرير العين بجنة الله ورضوانه، عليه من الله أفضل الصلاة والسلام دائماً وأبداً إلى يوم الدين.

فيا عباد الله: هذه ملامح من السيرة العطرة لرسول الهدى صلى الله عليه وسلم؛ يجب أن يتذكرها المسلمون في كل حين، وأن يجددوا العهد بها في كل أوان إلى الدوام.

إن أهل الإيمان الحق يستمدون من الهدي كل أمورهم، فلا تستوي الأمور وتستقيم السبيل إلا بذلك، فبهديه عليه الصلاة والسلام يهتدون، وعلى ضوء سنته يسيرون، ومن معين نبوته يرتوون، ولأعلام هدايته يحملون، وتحت لوائها يجاهدون، أسقطوا الرايات المشبوهة، ودحضوا الشعارات الزائفة، ولم يبقوا إلا شعار التوحيد لله، والمتابعة لرسوله عليه الصلاة والسلام، عليه يحيون وعليه يموتون، وفي سبيله يكافحون، ومن أجله يوالون ويعادون، ويعطون ويمنعون، وعليه يلقون الله رب العالمين.
إخوة الإيمان: لم تكن حاجة الأمة في عصر ما إلى معرفة السيرة العطرة، معرفة اهتداء واقتداء؛ أشد إليها من هذا العصر الذي تقاذفت فيه الأمةَ أمواج الفتن، وتشابكت فيه حلقات المحن، وغلبت فيه الأهواء، واستحكمت فيه الزعوم والآراء، وواجهت فيه الأمة ألواناً من التصدي السافر، والتحدي الماكر، والتآمر الرهيب من قبل أعداء الإسلام على اختلاف مللهم ونحلهم، يتولى كبر ذلك من لعنهم الله وغضب عليهم، وجعل منهم القردة والخنازير، وعبدة الطاغوت؛ من اليهود الصهاينة، ويوالي مسيرتهم عبدة الصليب، ودعاة التثليث، ويشد أزرهم المفتونون بهم المتأثرون بصديد أفكارهم، وقيح ثقافاتهم، من أهل العلمنة ودعاة التغريب، ويزداد الأسى حين يجهل كثير من أهل الإسلام حقائق دينهم وجوهر عقيدتهم، ويسيرون مع التيارات الجارفة دون تمحيص وتحقيق، أو يجمدون على موروثات مبتدعة دون تجلية ولا تدقيق، وحينما يُضرب المثل في ذلك على نظرة كثير من أهل الإسلام للسيرة المباركة فإنك تجد العجب العجاب! ففئات تغلو في الجناب المحمدي وترفعه إلى المقام الإلهي، وفئات تجفو وتعرض.
فمن الناس من نظر إلى السيرة النبوية على أنها قصص تتلى، وفصول تسرد، دون متابعة واقتداء، فلا تحرك مشاعراً وقلوباً، ولا تثير مشاعراً وهمماً، وأبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي فوق كونه عظيماً من عظماء التاريخ؛ فإن شرف النبوة وتاج الرسالة هو الذي يحسن له المحبة والاتباع، وإن ارتباطنا برسولنا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم، وسيرته العطرة؛ ليست ارتباط أوقات ومناسبات، ولا حديث معجزات وذكريات، بل إنه ارتباط وثيق في كل الظروف وعلى جميع الشئون وأحوال الحياة إلى الممات.

وشخصية الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ليست شخصية مغمورة، ولا في ثنايا التاريخ مطمورة، تبرز حيناً وتطوى حيناً، حاشاه عليه الصلاة والسلام بأبي هو وأمي، بل إن ذكره يملأ الأفاق، والشهادة برسالته تدوي عبر المآذن والمنابر، وتنطلق عبر الحناجر والمنائر، والمسلم الذي لا يعيش الرسول صلى الله عليه وسلم في ضميره، ولا تتبعه بصيرته في عمله وتفكيره في كل لحظة من لحظاته؛ لا يغني عنه أبداً التغني بسيرته، ولا صياغة النعوت في مدائحه، وليس هناك أعلى من مدح ربه جل وعلا له وثنائه عليه، فقد رفع ذكره، وأعلى في العالمين قدره، وشرح صدره، ووضع وزره، وما جنح بعض المسلمين إلى مثل هذا اللون في الإفصاح عن تعلقهم بنبيهم إلا يوم أن أعياهم القيام بالعمل، وتركت نفوسهم العزمات، واستسلموا للتواني والكسل، فالجهد الذي يتطلب العزائم هو الاستمساك والاقتداء، فبدلاً من التغني والترنم ينهض المسلم الجاد إلى تقويم نفسه، وإصلاح شأنه حتى يحقق الاقتداء برسوله صلى الله عليه وسلم، وحتى يترجم تلك الدعاوى إلى واقع عملي في كل شأن من شئونه، في معاشه ومعاده، وفي حربه وسلمه، وفي علمه وعمله، وفي عباداته ومعاملاته.

وإن تحويل الإسلام والحب لرسول الإسلام صلى الله عليه وسلم إلى هز للرءوس وتضخيم للعمائم، وإطالة للشبه يصاحب ذلك هوهوات وتمتمات، وشنشنات وهمهمات، وتعلق بأذكار وتسابيح، وتمسك بمدائح وتواشيح؛ لشيء عجيب يحار العقل في قبوله، والأدهى من ذلك أن تكون هذه الأمور معايير لصدق المحبة وعدمها، ومقاييس يرمى كل من تركها واستبان عورها بتنقصه للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وتلك شنشنة معروفة من أخزم، فحبُّ رسولنا صلى الله عليه وسلم في شغاف قلوبنا، ولا يغيب حبه إلا من قلب منافق جحود.

ومن الأسف أن أعداء الملة تمكنوا في غفلة من المصلحين أن يصدِّعوا بناءه وينقضوا أركانه، فكيف يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم يترك ميراث النبوة نهباً للعوادي؟ وكيف يقع التبديل والتغيير في دين الله في غفلة وسكون؟ وكيف يمهد للجاهلية الأولى أن تعود من جديد؟ ألا فليفقه المسلمون سيرة رسولهم صلى الله عليه وسلم فقهاً مؤصلاً بالدليل والبرهان قبل أن تأخذ بهم السبل الملتوية؛ فتطوح بهم بعيداً عن الجادة، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً



أمة الإسلام: لقد جربت الأمة هذه المظاهر بعد انحسار القرون الثلاثة المفضلة فلم تجد شيئاً، لم تعُد عزة، ولم تورث منعة، ولم تؤصل مجداً، ولم تخلف تاريخاً، ولم ترجع مقدسات، ولم تعِد مقدرات، وإذا كانت الأمة في هذه الظروف الحرجة التي تمر بها تتحدث عن سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم فكيف يطيب الحديث؟ وكيف يحلو الكلام ومقدسات المسلمين يعيث فيها أعداء الإسلام والمسلمين من اليهود الأخباث؟ وهاهم يصعدون عدوانهم ويزيدون إذكاء ذلك إذكاءً للفتنة، ويتحدون مشاعر المسلمين بكل وقاحة! كيف يجمل الحديث عن السيرة والذكريات وأعداء المسلمين من الصرب النصارى المعتدين الحاقدين؛ يصرون على صلفهم وعدوانهم ضد إخواننا وأعراضنا ومساجدنا في جمهورية البوسنة والهرسك ، كيف يحلو الكلام والهندوس الوثنيون يمعنون في حقدهم السافر ضد مشاعر المسلمين على ثرى كشمير ؟ وما أدراك ما أنباء الشيشان و الصومال وغيرها من البقاع! كيف وكيف؟! وقضايا المسلمين معلقة، وأوضاع الأمة متردية، والنظام العالمي وهيئات الأمم متخاذلة، ولا حولا ولا قوة إلا بالله، إن لله وإنا إليه راجعون!

إخوة العقيدة: أمة الإسلام! أمة محمد صلى الله عليه وسلم! إننا بحاجة إلى تجديد المسار، وتصحيح المواقف، والوقوف طويلاً للمحاسبة والمراجعة، نريد من مطالعة السيرة ما يزيد الإيمان، ويزكي الأخلاق، ويقوم المسيرة.

يخطئ كثيرون حينما ينظرون إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم وسيرته كما ينظر الآخرون إلى عظمائهم في نواحي ضيقة محدودة بعلم أو حنكة أو عبقرية، فرسولنا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم قد جمع نواحي العظمة الإنسانية كلها في ذاته وشمائله وجميع أموره، لكنه مع ذلك ليس رباً فيقصد، ولا إلهاً فيعبد، وإنما هو نبي يطاع ويتبع، هو مِنَّة الله على هذه الأمة.

إن من المؤسف حقاً أن بعض أهل الإسلام هداهم الله لم يقدروا رسولهم صلى الله عليه وسلم قدره، وهم يتوجهون إليه بالحب والتعظيم؛ ذلك أنه حب سلبي لا صدى له في واقع الحياة، ولا أثر له في السلوك والتطبيق.

انظر إليه عليه الصلاة والسلام في مجاري الأخلاق؛ تجده مثال الكمال في رقة القلب، وسماحة اليد وكف الأذى وبذل الندى، وعفة الضمير واستقامة السيرة وسلامة السريرة، وانظر إليه في كل جوانب حياته، في جهاده ومعاملاته، تلك لعمر الحق عراقة الخلال وكريم الشمائل، فهل من يتغنون اليوم بسيرته يقتفون أثره ويلتزمون هديه؟

إن حقاً على أهل الإسلام وهم المؤتمنون على ميراث النبوة أن تصقلهم الوقائع، وتربيهم التجارب، فلا تزال الفتن والخطوب مدلهمة على هذه الأمة، ومع مآسي أبنائها المتكاثرة وجراحاتها المتواترة فإن هذه الأمة أمة ثرية بعطاءاتها، والخير فيها مستمر إلى قيام الساعة، ففي خضم المعاناة مع أعداء الإسلام تبرز فلول من التفاؤل، وتظهر بوارق الآمال تجسدها صحوات عالمية، وانتفاضات إسلامية، وتوجهات خيرية؛ تنشد الإسلام بأصوله الصحيحة، وحقائقه الناصعة، ولقد ثبت لذوي البصائر أن رفع راية الجهاد في سبيل الله وإعلان التضحية والاستشهاد في سبيل نصرة الحق؛ هو الطريق الأوحد لإعلاء كلمة الله، وإعزاز أهل هذا الدين، وإن النزاع مع الأعداء المتسافرين نزاع عقيدة وهوية ومصير، وإن المقدسات لن تحرر برايات إقليمية، ولا شعارات طائفية، ولا مظاهر وشكليات، وذكريات واحتفالات، وإنما بشعار الإسلام، والإسلام وحده على ضوء الكتاب والسنة وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [يوسف:21]. لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ [التوبة:128-129].

نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم وبسنة سيد المرسلين.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


:الخطبة الثانية:



الحمد لله الذي أرسله رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً به وتوحيداً، وتعظيماً لشأنه وتمجيداً، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مجيداً.

أما بعد:

عباد الله: اتقوا الله وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ [البقرة:281].

عباد الله: رووا قلوبكم وأرواحكم من سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، واربطوا أنفسكم وناشئتكم وأسركم بها رباطاً محكماً وثيقاً؛ يسمو عن التخصيص في أوقات، والتذكير في مناسبات.

إخوة الإسلام: يا أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم! إن محبة المصطفى عليه الصلاة والسلام دين يدين لله به كل مسلم، بل لا يتم إسلامه إلا بمحبة الحبيب محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: {لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين } غير أن المحبة لا تكون باللسان والادعاء؛ وإنما بالتطبيق والمتابعة وصدق الانتماء قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ [آل عمران:31-32] وحسبك بالزيادة أنها افتيات على الشارع الحكيم، ومخالفة للنبي الكريم، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد } ويقول الإمام مالك رحمه الله: من أحدث في هذه الأمة شيئاً لم يكن عليه سلفها فقد زعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم خان الرسالة؛ لأن الله عز وجل يقول: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً [المائدة:3] فما لم يكن يومئذ ديناً فلا يكون اليوم ديناً، ولم يأت آخر هذه الأمة بأهدى مما كان عليه أولها.

فاحرصوا -رحمكم الله- على اتباع السنة واقتفاء آثار سلف هذه الأمة، فإن الخير كل الخير في الوقوف حيث وقف السلف الصالح رحمهم الله، وإننا لنتساءل أين الساسة والعلماء؟

وأين أهل الفكر والتربية وأصحاب المسئوليات في بلاد المسلمين من الاستفادة من منهج النبوة؛ بالإصلاح العام، وتسخير مناصبهم ومسئولياتهم في القيام بحمل رسالة الإسلام، وأداء الأمانة والنزاهة، وخدمة البلاد والعباد؟

فالمسئوليات محنة ومنحة وتكليف وتشريف، والموفق من وفقه الله عز وجل فنصح لله ولعباده ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، لا سيما والأمة تواجه سيلاً جارفاً وتيارات وافدة ما جلبت للأمة إلا الشقاء والعناء، إن الموفق من تمسك بالسنن النبوي، والنهج المحمدي، وصبر على ما أصابه، والمحروم من انقطع بالنبي صلى الله عليه وسلم سببه، وخاب سعيه وطلبه، ولو عمل ما عمل مما ليس عليه أثارة من علم أو أمارة من برهان.

فيا من يريد نجاتة! السنة السنة! والاتباع الاتباع! والحذر من الابتداع! وإياك أخي المسلم من الاغترار بما عليه كثيرون فالحق ليس بالكثرة، وإنما بالحجة والبرهان، وإن على حملة السنة أن يوحدوا كلمتهم، ويجمعوا قلوبهم، ويحذروا من فتح جبهات داخلية، وتغليب خلافات جانبية؛ فإن التعصب للشعارات والجماعات، والنعرات الحزبية الضيقة ليس من دين الله في شيء، والحق ليس حكراً على فرد من الأمة دون آخر، ولا جماعة دون أخرى؛ ما دام أن الكل على المنهج النبوي؛ لا سيما في مجال العقيدة والاتباع، والخطأ وارد والنصح مشروع، والأذى بين الإخوة ممنوع، والمجاهرة بالردود والانشغال بها بين أصحاب المنهج الواحد يتيح الفرصة للأعداء لإحكام الوقيعة بين الأحبة.

ألا ما أحوج حملة السنة اليوم إلى تنسيق جهودهم، والتلاحم مع ولاتهم وعلمائهم؛ لدرء الأخطار المحدقة بهم.

فيا أمة الإسلام: ويا حملة السنة! ويا أحباب المصطفى صلى الله عليه وسلم! أما آن لنا أن نتنبه لأعدائنا الذين يهددوننا في ديننا ودنيانا وأخرانا؟ أما آن لنا أن نتخلى عن المعارك الوهمية، والخلافات الجانبية، والردود الكلامية، ونفرغ طاقاتنا، ونركز جهودنا، ونتلاحم مع ولاتنا وعلمائنا في السير جميعاً في طريق الخير والرشاد، والحكمة والسداد؟

ألا واعلموا عباد الله أن من أعظم ما تقربتم لنبيكم وأعربتم به عن محبة نبيكم صلى الله عليه وسلم هو كثرة الصلاة والسلام عليه.

فصلوا وسلموا -رحمكم الله- على المصطفى المختار الخيار من خيار من خيار كما أمركم بذلك العزيز الغفار؛ فقال عز من قائل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56] اللهم صلَّ وسلم وبارك على نبينا محمد بن عبد الله، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم احصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تبق منهم أحداً، اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تنصر إخواننا المسلمين المضطهدين في دينهم في كل مكان، اللهم انصرهم في فلسطين ، اللهم انصرهم في البوسنة والهرسك و الشيشان ، اللهم انصرهم في كشمير وفي كل مكان يا حي يا قيوم! يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، وألف بين قلوبهم، واهدهم سبل السلام، وجنبهم الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم وفقنا لما تحب و ترضى، اللهم وفق إمامنا بتوفيقك، وأيده بتأييدك، اللهم وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك، وهيئ له البطانة الصالحة يا حي يا قيوم.

اللهم ولّ علينا خيارنا، واكفنا شر شرارنا يا ذا الجلال والإكرام، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mido
المدير العام
المدير العام



عدد المساهمات : 37
التقييم : -2147456982
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمر : 32
الموقع : /http://www.soudais.yoo7.com

خطب الشيخ المنبرية المفرغة Empty
مُساهمةموضوع: رد: خطب الشيخ المنبرية المفرغة   خطب الشيخ المنبرية المفرغة Emptyالخميس أكتوبر 01, 2009 7:10 pm

بارك الله فيك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://soudais.yoo7.com
فقه الأخلاق

فقه الأخلاق


عدد المساهمات : 66
التقييم : 5482
تاريخ التسجيل : 22/09/2009

خطب الشيخ المنبرية المفرغة Empty
مُساهمةموضوع: رد: خطب الشيخ المنبرية المفرغة   خطب الشيخ المنبرية المفرغة Emptyالثلاثاء أكتوبر 06, 2009 8:39 am

[color=red]محبة الرسول صلى الله عليه وسلم



:الخطبة الاولى: [/color]


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وإن اجتمع الناس كلهم لهدايته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كتب الرحمة للمتقين الذين يتبعون الرسول النبي الأمي، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، وبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أنقذ الله به البشرية من الجهالات والضلالات، وأخرجهم به إلى النور بعد الظلمات والخرافات، فصلوات الله وسلامه ورحمته وبركاته عليه وعلى آله وصحبه المتبعين لنهجه، المقتدين بسنته، وعلى من سار على نهجهم واقتفى واقتصر على طريقتهم إلى يوم الدين.

أما بعــد:

إخوة الإسلام في بلد الله الحرام، أيها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها: أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل واتباع سنة نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم، ومعرفة سيرته في كل أمر من أموركم، وفي كل وقت وفي كل زمان من أزمانكم، فالله سبحانه وتعالى قد أمرنا بذلك، ولم يعين له وقتاً، ولم يحدد له زمناً، ولم يخصص له مناسبة: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً [الأحزاب:21].

وقد أمر سبحانه باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم وجعل هذا الاتباع سبيلاً للهداية، ووسيلة لنيل حبه، وتحقيق رضاه، وحصول غفرانه، وحذر سبحانه من الإساءة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته، أو الإساءة إلى سنته بعد وفاته بتقديم غيرها عليها، أو بمخالفتها والخروج على توجيهاتها بالنقص منها أو الزيادة عليها، فيقول سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [الحجرات:1] إلى قوله تعالى في الآية بعدها: أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ [الحجرات:2].

وجعل الخروج ولو مرة واحدة عن حد اتباع الرسول والتسليم له ضلالاً مبيناً وانحرافاً لا شك فيه، بل يؤدي إلى عدم الإيمان والعياذ بالله، فيقول سبحانه: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً [الأحزاب:36] ويقول: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء:65].

أخرج البخاري رحمه الله في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى. قيل: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى } وما أكثر الذين يتمنون الجنة بأقوالهم ويأبونها بأفعالهم.
إخوة الإسلام: إن واجب المسلمين أن يعرفوا قدر رسولهم صلى الله عليه وسلم بدون غلوٍ فيه وإطراء له، وبدون تقصير في حقه وتفريط في محبته، فهو عليه الصلاة والسلام عبد من عباد الله، ورسول من رسل الله، وله من المزايا والخصال ما يفوق بها كل البشر، ولكنه مع ذلك لم يخرج عن حدود البشرية والعبودية لله رب العالمين، كما أخبر الله عنه في غير ما آية من كتابه الكريم، فهو عليه الصلاة والسلام ليس إلهاً فيعبد، ولا رباً فيقصد، كما ضل في ذلك كثير من الجهلة؛ الذين صرفوا بعض أنواع العبادة وبعض خصائص الألوهية والربوبية له، وجعلوها للرسول عليه الصلاة والسلام، فسألوه من دون الله، واستغاثوا به، ودعوه عند الكروب والمصائب، وجعلوه علاماً للغيوب، مفرجاً للكروب، معيناً في الخطوب، وكفى بذلك غلواً وشركاً والعياذ بالله.

يقول صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري رحمه الله عن عمر رضي الله عنه: {لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله }.
أما محبته عليه الصلاة والسلام فتفوق كل محبة، وتربو على حب النفس والمال والولد، أخرج الشيخان عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين } ومحبته الحقيقية تقتضي اتباع سنته والوقوف عند نهجه، وقد ضل في هذا كثير من الناس حيث ظنوا جهلاً وضلالاً أن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم تقتصر على التغني بشمائله والتمدح بفضائله، وإقامة الأفراح والحفلات عند ذكرى مولده، ونحو ذلك في أوقات معينة، ومناسبات محددة، ورموا من لم يفعل ذلك ببغضه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكفي عملهم هذا انتقاصاً لرسول الله عليه الصلاة والسلام، حيث ذكروه في وقت ضئيل ونسوه في أوقات كثيرة، وذلك إفكهم وما كانوا يفترون.

وليت المسلمين اليوم يستفيدون من مرور هذه المناسبات المجيدة، فيصححوا مسارهم على نهج من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويقلعوا عما هم فيه من معاصٍ وبدع، ويستلهموا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرته، ويجتمعوا عليها فتأتلف قلوبهم فيعملوا بها طيلة حياتهم، كما جرى على ذلك عمل السلف الصالح بخلاف ما عليه أهل البدع اليوم.
أمة الإسلام: وفي هذا الزمن الذي اشتدت فيه غربة الإسلام في بلاد الإسلام، وحتى عند أهل الإسلام، وأخذت السنة تطمس معالمها، وتُطارد في بقاع كثيرة، وينتقص أهلها في كل مكان، ويحلُّ محلها الضلالة والبدع والمعاصي والفسوق، ومع ذلك فعلى المسلم المبتغي لثواب الله الخائف من عذاب الله أن يتمسك بالسنة ولو تركها الناس، ويُغليها ولو أرخصوها، ويعزها ولو أهانوها، فإن ذلك سبيل المؤمنين الصالحين.

ومخالفة السنة تؤدي إلى الفتنة والعذاب الأليم في الدنيا والآخرة، وإذا كانت هذه نتيجة مخالفة سنته فكيف نرجو لأمتنا الإسلامية اليوم خروجاً من فتنة، أو نجاة من عذاب، وهي في الجملة قد خالفت أوامر الله ورسوله، فلا تكاد تلتقي مع السنة إلا في القليل، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ومن تأمل حياة المسلمين اليوم وجد هذا حقيقة ناصعة لا مبالغة فيها، فقد تساهل كثير من الناس في تعاليم الدين الحنيف، وعطلوا أحكام الإسلام وتعاليمه، وساروا مع أعداء الإسلام شبراً بشبر وذراعاً بذراع.

أليست الأمة الإسلامية اليوم قد تخاذلت وتخالفت وتساهلت في تحقيق العقيدة الصحيحة؟

أليست البدع والضلالات قد انتشرت بينهم من غير نكير؟

أليس الفساد والانحراف قد بدا وظهر في شباب الأمة ونسائها؟

أليست كبائر الذنوب والمعاصي الجالبة لسخط الله ومقته منتشرة بين ظهرانيها اليوم؟

أليس شباب المسلمين اليوم قد ضل أكثرهم عن سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وشُغلوا واشتغلوا بتافه القول ورديء الأعمال، وأصبح ولاؤهم لغير الله، وأصبحت اهتماماتهم مخالفة لكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام؟

أليس قد انتشر بين نساء المسلمين اليوم ما يخالف سنة المصطفى الأمين من التبرج والسفور والاختلاط، وما يورث الفتنة، ويهدم الفضيلة، ويقضي على العفة والحياء؟

أليس هذا كله وأكثر منه موجوداً بين المسلمين اليوم؟

فاتقوا الله عباد الله: من للسنة المطهرة اليوم؟! يدافع عنها، ويتمسك بها، ويتبع أوامرها، ويجتنب نواهيها، إن لم تكونوا أنتم يا أمة الإسلام، ويا أتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من يقوم بذلك.

من للبدع والمعاصي التي اشرأبت بأعناقها؟! من لها يقضي عليها ويخالفها، ويحذر منها، ويهجر أهلها ويبغضهم؟! إن لم تكونوا أنتم -يا أمة الإسلام- خير من يقوم بذلك.

نسأل الله تعالى أن يوفقنا لاتباع السنة، والبعد عن البدعة والمعصية، وأن يجنب المسلمين في كل مكان الشرور والأخطار، وأن يعيدهم إليه عوداً حميداً إنه على كل شيء قدير.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم، وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.



:الخطبة الثانية:



الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، أحمده تعالى وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه.

أما بعــد:

فيا عباد الله! اتقوا الله تعالى، واعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، واعلموا رحمكم الله أن حق نبيكم صلى الله عليه وسلم أعظم الحقوق بعد حق الله تعالى، فيجب عليكم الإيمان به صلى الله عليه وسلم، والرضا به نبياً، ومحبته والاقتداء به في أقواله وأفعاله، وفي عباداته ومعاملاته، وفي أخلاقه وآدابه، وفي مظهره ومخبره.

كذا يجب عليكم النصيحة له صلى الله عليه وسلم، والعناية بسنته، والبحث عن هديه وسيرته، وجعل ذلك سارياً في قلوبكم وأجسادكم، وعدم الغفلة عنه طرفة عين، والحذر من تخصيص ذلك بوقت معين وزمن معين، فما هكذا عمل سلف الأمة رضي الله عنهم.

كما أنَّ من أعظم حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم: كثرة الصلاة والسلام عليه بقلب حي يقظ يعي معنى هذه الجملة العظيمة، ويتبعها بالعمل الدءوب بسنته واتباع شرعه، وإلا فما قيمة الصلاة والسلام عليه إذا كانت تردد بعبارات جوفاء لا يعي صاحبها فحواها.

وتجنبوا رحمكم الله الصلوات المبتدعة التي تصف رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء من خصائص الله كعلم الغيب، وجلب النفع، ودفع الضر، وتفريج الكروب، ونحو ذلك.

يقول تعالى في محكم كتابه الكريم: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56].

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {من صلى عليَّ صلاة صلَّى الله عليها بها عشراً } رواه مسلم .

وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة } رواه الترمذي وقال: حديث حسن.

اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى آله وصحبه، اللهم ارزقنا محبته، اللهم ارزقنا السير على سنته وإن رغب عنها أكثر الناس.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واحم حوزة الدين يا رب العالمين! واجعل هذا البلد آمنا مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.

اللهم احفظ على هذه البلاد عقيدتها من كل من أراد أن يدنسها، اللهم احفظ عليها إيمانها، واحفظ عليه أمنها، ومتع قادتها بالصحة والعافية، ووفقهم لتحقيق كتابك وسنة نبيك يا رب العالمين، اللهم وفق إمامنا لما تحبه وترضاه يا رب العالمين، اللهم ألهمه الرشاد والسداد يا رب العالمين، اللهم وفقه وإخوانه وسائر المسلمين لما تحب وترضى يا أكرم الأكرمين.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، وألف بين قلوبهم، وأصلح ذات بينهم، وجنبهم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، اللهم جنبهم الضلالات والبدع والخرافات يا رب العالمين!

اللهم أصلح شباب المسلمين، اللهم ردهم إليك رداً جميلاً، اللهم أصلح نساءهم يا رب العالمين، اللهم مُنَّ علينا بما تحب وترضى، وبالعودة الصادقة إلى دينك القويم يا رب العالمين!

اللهم انصر المجاهدين في سبيلك ووفقهم في كل مكان يا رب العالمين، اللهم وفقهم لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى يا رب العالمين!

ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فقه الأخلاق

فقه الأخلاق


عدد المساهمات : 66
التقييم : 5482
تاريخ التسجيل : 22/09/2009

خطب الشيخ المنبرية المفرغة Empty
مُساهمةموضوع: رد: خطب الشيخ المنبرية المفرغة   خطب الشيخ المنبرية المفرغة Emptyالثلاثاء أكتوبر 06, 2009 8:42 am

[b]أمراض القلوب




:الخطبة الاولى:

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فقد غوى، نسأل الله ربنا أن يجعلنا ممن يطيعه ويطيع رسوله، ويتبع رضوانه، ويجتنب سخطه، فإنما نحن به وله.

أما بعد:

إخوة الإسلام: في خضم مشغلات الحياة، وتزاحم مغريات الدنيا، وطغيان الماديات، وغلبة الأهواء، يغفل كثير من الناس عن الأخذ بأسباب السعادة والفلاح في الدنيا، والفوز والنجاة في الآخرة، وإن هذه الأسباب منوطة بأمر واحد، هو قطب الرحى في هذه القضية، يفصح عنه حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم عند البخاري و مسلم : عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما: {ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب } ففي هذا الحديث العظيم إشارة إلى أن صلاح حركات العبد بجوارحه بحسب صلاح حركة قلبه.

فإن كان قلبُه سليماً، ليس فيه إلا توحيدُ الله وخشيته، ومتابعة رسوله صلى الله عليه وسلم ومحبتُه؛ سلِمَت حركات الجوارح، ونشأ على اجتناب المحرمات والمحدثات.

وإن كان القلب مريضاً فاسداً، قد استولى عليه اتباع الهوى، وغلبه حب الشهوات؛ فسدت حركات الجوارح، وانبعثت إلى كل معصية، ونشطت في كل ضلالة، ولهذا يُقال: القلب ملك الأعضاء، وبقية الأعضاء جنوده، فإذا كان القلب صالحاً؛ كانت الجنود صالحة، وإن كان فاسداً؛ كانت جنوده فاسدة.

قال الإمام العلامة ابن القيم رحمه الله في انقسام القلوب إلى صحيح، وسقيم، وميت، ما خلاصتُه: لما كان القلب يوصف بالحياة وضدها، انقسم بحسب ذلك إلى هذه الأحوال الثلاثة: فالقلب الصحيح هو القلب السليم، الذي لا ينجو يوم القيامة إلا من أتى الله به، كما قال تعالى: يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الشعراء:88-89].

فهو الذي قد سلم من كل شهوة تخالف أمر الله ونهيه، ومن كل شبهة تعارض خبره، فسلم من عبودية ما سواه، وسلم من تحكيم غيره صلى الله عليه وسلم، وسلم من أن يكون لغير الله فيه شرك بوجه، بل قد خلصت عبوديته وعمله لله تعالى، فإن أحب؛ أحب في الله، وإن أبغض؛ أبغض في الله، وإن أعطى ومنع فلله وحده، ولا يكفيه هذا حتى يسلم من الانقياد والتحكيم لكل من عدا رسوله صلى الله عليه وسلم، فيعقد قلبه عقداً محكماً على الائتمام والاقتداء به وحده -دون كل أحد- في الأقوال والأفعال، ويكون الحاكم عليه في ذلك كله، دقه وجله: هو ما جاء به الرسـول صلى الله عليه وسلم، فلا يتقدم بين يديه بعقيدة ولا قول ولا عمل، امتثالاً لقوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [الحجرات:1].

والقلب الثاني: ضد هذا، وهو القلب الميت، الذي لا يعرف ربه، ولا يعبده بأمره، فالهوى إمامه، والشهوة قائده، والجهل سائقه، والغفلة مركبه، فمخالطة صاحب هذا القلب سُقم، ومعاشرته صُم، ومجالسته هلاك.

والقلب الثالث: قلب له حياة وبه علة، ففيه من محبة الله والإيمان به ما هو مادة حياته، وفيه من محبة الشهوات وإيثارها ما هو مادة هلاكه وعطبه، وهو ممتحن بينهما.

فالقلب الأول: حيٌّ مخبتٌ واعٍ ليِّن.

والثاني يابس ميت.

والثالث: مريض، فإما إلى السلامة أدنى, وإما إلى العطب أدنى.

روى الإمام مسلم : عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عوداً عوداً؛ فأي قلب أُشرِبَها نُكِِتَت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها، نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير القلوب على قلبين: قلب أسود مرباداً كالكوز مُجَخِّيَا، لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً، إلا ما أُشْرِب من هواه، وقلب أبيض مثل الصفا لا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض }

وصح عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قوله: [[القلوب أربعة:

قلب أجرد: أي: متجرد مما سوى الله ورسوله، فيه سراج يزهر، فذلك قلب المؤمن.

وقلب أغلق: فذلك قلب الكافر.

وقلب منكوس: فذلك قلب المنافق، عرف ثم أنكر، وأبصر ثم عمي.

وقلب تمده مادتان: مادة إيمان، ومادة نفاق؛ فهو لما غلب عليه منهما ]].
والفتن التي تُعرض على القلوب هي أسباب مرضها، وهي فتن الشهوات، وفتن الشبهات، فتن الغي والضلال، وفتن المعاصي والبدع، وفتن الظلم والجهل.

ومدار اعتلال القلوب وأسقامها على أصلين: فساد العلم، وفساد القصد، ويترتب عليهما داءان قاتلان: الغضب والضلال، وهذان المرضان ملاك أمراض القلوب جميعها، وشفاء ذلك بالهداية العلمية، والهداية العملية وتكون بتحقيق التوحيد لله، وتجريد المتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم.

أمة العقيدة والإيمان! أتباع محمد عليه الصلاة والسلام! بالفهم الصائب لما سبق، والنظر الثاقب لما وقع ويقع في حياتنا المعاصرة ندرك أنه ما أصاب الأمة من شر وضلال وفتنة؛ إلا بسبب أمراض القلوب وعللها، وإذا حصل فساد القلب، فحدِّث ولا جناح عن العواقب السيئة التي تعود على الأفراد والأمم، وما حلت الضلالة وانتشرت الجهالة في أمر العقيدة والاتباع، وحصلت الفُرقة والاختلاط إلا بسبب أسقام القلوب التي أصبحت أوكاراً للشياطين، وبؤراً للأهواء، وما عمت المنكرات في الأشغال والأخلاق والأقوال، وكثر القتل، والوقوع في الزنا، والجرائم، والتعامل بالربا، وسائر المحرمات؛ إلا بسبب إقفار القلوب من طاعة الله، وفتنتها بحب العاجلة.

وبالجملة: فكل فساد حل بالأمة مرده إلى أمراض القلوب، وما ران عليها من ظلمات المعاصي.

وما شيوع الأمراض النفسية، والتوترات العصبية، والأسقام الاجتماعية، وانتشار القلق والمس والهموم والوساوس؛ إلا بسبب الوقوع في المعاصي والذنوب، على اختلاف أصنافها، وتعدد مصادرها، واختلاف وسائلها، التي تقضي على القلب، وتميت الشعور الإسلامي، والحس الإيماني فيه، وتزرع فيه الفسق والضلال والفساد.

ولله در عبد الله بن المبارك حيث قال:

رأيتُ الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل إدمانها


وترك الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عصيانها


ومن الغريب حقاً: إعراض الناس عن الاهتمام بعلاج أمراض القلوب، وانصرافهم الكلي إلى الاهتمام بصورهم وأجسامهم، فلو أصيب أحدهم بأدنى مرض في جسده؛ لأقام الدنيا بحثاً عن أمهر طبيب، وأفخم مستشفى، بينما الأمراض الحقيقية المعنوية، أمراض القلوب والأرواح قد أهملت، فعاد الأمر كما ترى، يسر العدو ويحزن الصديق.

ولعل ما سبق من وضع لمسات على هذا الموضوع الخطير من حيث الأهمية، والأسباب والعلاج، ونظرة السلف له، وواقع الناس فيه، كافٍ في أن يهتم كل واحد منا بفحص قلبه, ومحاسبة نفسه في هذا الأمر؛ ليعلم بقدر مواقعته المعاصي فإنما يجلب الفساد لقلبه، والناس في ذلك بين مُسْتَقِلٍّ ومستكثر، وليعم الصلاح والخير والفلاح نسأل الله أن يصلح فساد قلوبنا.

اللهم يا مصلح الصالحين، أصلح فساد قلوبنا، واغفر لنا ذنوبنا، إنك جواد كريم.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.



:الخطبة الثانية:



الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وشرفنا باتباع محمد خير الأنام، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه.

أما بعد:

فاتقوا الله -عباد الله- وخذوا بأسباب صلاح القلوب، وراقبوا مولاكم علام الغيوب، واعلموا أن حياة القلب وصحته وشفاءه من كل ضرر لا يحصل إلا بالآتي:

بإقبال أصحابه على كتاب الله تلاوة وتدبراً، ففيه الشفاء والنور، كما قال سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَـوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفـَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [يونس:57].

والإكثار من ذكر الله قال تعالى: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد:28].

وكثرة استغفاره والتوبة إليه، والاستعاذة به من الشيطان الرجيم، والبُعد عن مصائده وحبائله من: الملاهي التي تصد عن ذكر الله، وسائر المعاصي.

فاتقوا الله -عباد الله- وزكوا قلوبكم، وطهروها من كل ما يُغضب الله من الغل والحقد والحسد والكِِبر والعجب وعداوة المسلمين، واجتنبوا كل أسباب فساد القلوب وقسوتها، تكونوا من المفلحين.

ألا وصلوا وسلموا رحمكم الله على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه بقوله: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56].

اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة أجمعين والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين, واحمِ حوزة الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.

اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفقهم لهُداك، واجعل عملهم في رضاك، وهيئ لهم البطانة الصالحة.

اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين الشريفين إلى ما تحب وترضى، اللهم أيده بالحق، اللهم اجعله هادياً مهدياً يا رب العالمين، اللهم وفق قادة المسلمين إلى تحكيم شرعك، اللهم وفق المسلمين قاطبة إلى العودة الصادقة إلى دينك القويم.

اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يُعَز فيه أهل طاعتك، ويُذَل فيه أهل معصيتك، ويُؤمَر فيه بالمعروف، ويُنهَى فيه عن المنكر.اللهم أغثنا، اللهم أغث قلوبنا بالإيمان واليقين، وبلادنا بالخيرات والأمطار يا رب العالمين!

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201].

عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل:90].

فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعـُونَ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
إيمان الإمام
مشرفة قسم عذوبة الشعر
مشرفة قسم عذوبة الشعر
إيمان الإمام


عدد المساهمات : 61
التقييم : 5454
تاريخ التسجيل : 02/09/2009
العمر : 41

خطب الشيخ المنبرية المفرغة Empty
مُساهمةموضوع: رد: خطب الشيخ المنبرية المفرغة   خطب الشيخ المنبرية المفرغة Emptyالأربعاء أكتوبر 07, 2009 4:09 am

بارك الله بك



وبجهدك




وبعلمك


ونفع الأمة بك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فقه الأخلاق

فقه الأخلاق


عدد المساهمات : 66
التقييم : 5482
تاريخ التسجيل : 22/09/2009

خطب الشيخ المنبرية المفرغة Empty
مُساهمةموضوع: رد: خطب الشيخ المنبرية المفرغة   خطب الشيخ المنبرية المفرغة Emptyالأربعاء أكتوبر 07, 2009 7:21 am

أحوال الناس بعد رمضان




الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه، ونثني عليه الخير كله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وحبيبه وخليله، وأمينه على وحيه، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فصلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه، واقتفى أثره ودعا بدعوته إلى يوم الدين.

أما بعــد:

أيها المسلمون: اتقوا الله عزَّ وجلَّ، فتقوى الله هي وصيته سبحانه للأولين والآخرين، قال تعالى: وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيّاً حَمِيداً [النساء:131].

عباد الله: بالأمس القريب كنتم في شهر رمضان المبارك شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، تصومون نهاره، وتقومون ليله، وتتقربون إلى ربكم بأنواع القربات، طمعاً في ثوابه، وخوفاً من عقابه، ثم انتهت تلك الأيام الفاضلة، والليالي المباركة، وقطعتم بها مرحلةً من حياتكم لن تعود إليكم أبداً، وإنما يبقى لكم ما أودعتموه فيها من خيرٍ أو شر: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ [الزلزلة:7-8].

وهكذا كل أيام العمر مراحل تقطعونها يوماً بعد يوم، في طريقكم إلى الدار الآخرة، فهي تنقص من أعماركم وتقربكم من آجالكم، ويحفظ عليكم ما عملتموه فيها، لتجازوا عليه في الدار الآخرة: يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ * يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً [آل عمران:28-30].......


أيها المسلمون: إنه وإن انقضى شهر رمضان المبارك، فإن عمل المسلم بطاعة ربه واستقامته على شريعة الإسلام ليس له نهايةٌ إلا عند الموت، قال تعالى: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر:99].

قال الحسن البصري رحمه الله: [[لا يكون لعمل المؤمن أجلٌ دون الموت، ثم قرأ قوله تعالى: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر:99] ]]، وقال عزَّ وجلَّ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

فاحذروا -عباد الله- من الرجوع إلى المعاصي بعد رمضان، فإن رب الشهور واحد، وبئس القوم من لا يعرفون الله إلا في رمضان، بئس القوم من لا يعرفون الله إلا في شهر واحد، مع التقصير والتفريط، ويعرضون عنه في أحد عشر شهراً.

فاتقوا الله -أيها المسلمون- ولا تهدموا ما بنيتم في شهر رمضان من الأعمال الصالحة، فإن من علامة قبول الحسنة إتباعها بالحسنة، وإن الرجوع إلى المعاصي بعد التوبة منها أعظم جرماً وأشد إثماً مما كان قبل ذلك، وإن أمامكم ميزاناً توزن فيه حسناتكم وسيئاتكم: فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ [المؤمنون:102-104].

أيها الإخوة في الله: إن الناظر المتأمل في حال كثيرٍ من المسلمين اليوم، بعد مضي شهر رمضان، يجد فرقاً شاسعاً، وبونا كبيراً بين حالهم في رمضان وحالهم بعده، وذلك أن المسلمين اليوم منقسمون بعد رمضان إلى أصنافٍ متعددة، فمنهم من استمر على طاعة الله، وتلاوة كتابه الكريم، والمحافظة على الصلوات وسائر العبادات، والبعد عن المحرمات، فهنيئاً له بقبول عمله، وهنيئاً له التأسي بـالسلف الصالح الذين كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهرٍ أخرى أن يتقبله منهم، فكل أوقاتهم عبادة.

ومن الناس -ويا للأسف الشديد- من كان صيام رمضان أثقل عليه من الجبال الرواسي ويتمنى بزوغ هلال شوال؛ لينطلق من وثاقه، تسيره شياطين الجن والإنس؛ ليعيث في الأرض فساداً، وينتقل من معصيةٍ إلى أخرى بدون وازع من دينٍ أو خلق، وما أكثر هؤلاء اليوم الذين أشربوا في قلوبهم حب المعاصي والمنكرات، وبغض الطاعات والقربات، والعياذ بالله.

فلم يكن لشهر رمضان أثرٌ في نفوسهم وقلوبهم، هجروا المساجد والمصاحف، وأقبلوا على شهواتهم وغفلاتهم، وفسادهم ومجونهم ولهوهم، هذا هو واقع كثيرٍ من أبناء الأمة الإسلامية، والمحسوبين عليها، ولا حول ولا قوة إلا بالله!

إن هذا الواقع المؤلم لا يرضي إلا أعداء الإسلام، الذين يتربصون بنا الدوائر، ويتمنون انسلاخ أبناء المسلمين من دينهم وعقيدتهم، بل ويبذلون في سبيل ذلك كل غالٍ ورخيص، ووالله إنه ليحزن من كان في قلبه أدنى مثقال حبة خردلٍ من إيمان، فاتقوا الله -أيها المسلمون- واستقيموا على شريعة ربكم، واستمروا على طاعته، وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، ووجهوا أبناءكم ومن تحت أيديكم إلى طريق الرشاد.

واتقوا الله يا شباب الإسلام، فحافظوا على أوقاتكم، واعمروها بطاعة ربكم ولا تلهيكم الملهيات، فهي كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً.

واتقين الله أيتها النساء المسلمات، فاستقمن على طاعة الله، وقَرْن، قال تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب:33].

وليكن شهر الصيام ذا أثرٍ بالغ على نفوسكن، ولازمن الحياء والحشمة وغضّ البصر، واحذرنَ من مزاحمة الرجال في الأسواق والأماكن العامة، وإبداء الزينة لهم، وابتعدن عن التبرج والسفور وإظهار المفاتن، واقتدين بالصالحات السالفات من المؤمنات.

أيها المسلمون: لقد وصل الأمر بكثيرٍ من أبناء المسلمين -الذين خلت قلوبهم من الإيمان أو كادت، والذين انطفأت جذوة الغيرة الإسلامية في نفوسهم- أنهم يستغلون هذه الأيام، أيام العيد وما بعدها، بالسفر إلى بلاد المشركين، إلى بلاد الكفر والفساد والإباحية والضلال بدعوى السياحة أو غيرها من الدعاوى المشبوهة، فيعيشون هناك بين ظهراني المشركين، بين دور الزنا والخلاعة، وبين بارات الخمور والمسكرات، مستبدلين بديار العقيدة، وديار الأخلاق والعفاف بلاد الكفر والفساد، وحيث إن هذا الأمر قد فشا في كثيرٍ من أبناء المسلمين وأسرهم؛ وجب التحذير من هذه الظاهرة لخطرها على الدين والأخلاق.

سائلين الله عزَّ وجلَّ أن يهدي ضال المسلمين وأن يوفقهم لما يحب ويرضى، اللهم بارك لنا في القرآن العظيم، وبهدي سيد المرسلين، اللهم تقبَّل منا أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.......


لا تبدلوا نعمة الله كفراً




.:: الخطبة الثانية ::.



الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين وقدوةً للخلائق أجمعين، نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين.

أما بعــد:

أيها المسلمون: اتقوا الله عزَّ وجلَّ، وتوبوا إليه واشكروه على سوابغ نعمه وآلائه، ومن شكره: المداومة على طاعته وعبادته.

عباد الله: إن مقابلة نعمة التوفيق لإكمال شهر الصيام بارتكاب المعاصي بعد خروجه، يعتبر من تبديل نعمة الله كفراً، فمن عزم على معاودة المعاصي بعد رمضان، فيخشى أن يرد عليه صيامه، إن هذه الشهور والأعوام والليالي والأيام كلها مقادير الآجال ومواقيت الأعمال، ثم تنقضي سريعاً وتمضي جميعاً، والذي أوجدها باقٍ لا يزول، ودائمٌ لا يحول، هو في جميع الأوقات إله واحد، ولأعمال عباده رقيبٌ ومشاهد، فاتقوه وداوموا على طاعته واجتناب معصيته، فإن كل وقتٍ يخليه العبد من طاعة الله فقد خسره، وكل ساعةٍ يغفل فيها عن ذكر ربه تكون عليه يوم القيامة حسرةً وندامة، قال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت:46].

أيها المسلمون: إن فضل الله عليكم متواصل، ومواسم المغفرة لا تزال متتالية لمن وفقه الله لاغتنامها، فإنه لما انقضى شهر رمضان المبارك دخلت أشهر الحج إلى بيت الله الحرام، فكما أن من صام رمضان وقامه، غفر له ما تقدم من ذنبه، فكذلك من حج البيت ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه.

فما يمضي من عمر المؤمن ساعةٌ من الساعات، إلا ولله فيها عليه وظيفةٌ من وظائف الطاعات، فالمؤمن يتقلب بين هذه الوظائف، ويتقرب بها إلى مولاه، فاشكروا الله على هذه النعم، واغتنموها بطاعة الله، ولا تضيعوها بالغفلة والإعراض.

واعلموا -رحمكم الله- أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيه، فقال عزَّ وجلَّ: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56].

وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: {من صلى عليَّ صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشراً } اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وارضَ اللهم عنا برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، على اختلاف مللهم يا رب العالمين، اللهم أنزل عليهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم وفق المسلمين لما تحب وترضاه، اللهم جنبهم الفواحش والفتن، ما ظهر منها وما بطن.

اللهم وفق إمامنا لهداك، اللهم وفق إمامنا لما تحب وترضاه، اللهم ارزقه السداد والرشاد، والبطانة الصالحة التي تذكره إذا نسي، وتعينه على نوائب الحق يا رب العالمين.

اللهم أصلح أحوال المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وأصلح قادتهم وأمراءهم، وعلماءهم وشبابهم ونساءهم يا رب العالمين.

اللهم انصر المجاهدين في سبيلك، والمستضعفين في أرضك، اللهم كن لهم ولا تكن عليهم يا رب العالمين، قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.......
[/b]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
العقل الماسي

العقل الماسي


عدد المساهمات : 22
التقييم : 5390
تاريخ التسجيل : 23/09/2009

خطب الشيخ المنبرية المفرغة Empty
مُساهمةموضوع: رد: خطب الشيخ المنبرية المفرغة   خطب الشيخ المنبرية المفرغة Emptyالخميس أكتوبر 15, 2009 12:16 am

جزاك الله خير وزاد شيخنا رفعة في الدنيا والاخره[i][u]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فقه الأخلاق

فقه الأخلاق


عدد المساهمات : 66
التقييم : 5482
تاريخ التسجيل : 22/09/2009

خطب الشيخ المنبرية المفرغة Empty
مُساهمةموضوع: رد: خطب الشيخ المنبرية المفرغة   خطب الشيخ المنبرية المفرغة Emptyالخميس أكتوبر 15, 2009 6:49 am

[color:ee78=red[b]]الحض على النظر والتفكر



: الخطبة الاولى :



الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ، أحمده تعالى وأشكره على سوابغ نعمه، وترادف مِنَنه.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وَسِع كل شيء علماً، وأتقن كل شيء صنعاً، وسخَّر لعباده ما في الكون كله رحمة منه ولطفاً، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، إمام المتقين، وأشرف الأنبياء والمرسلين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلَّم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

أيها المسلمون! اتقوا الله تبارك وتعالى، واشكروه على ما خوَّلكم به من الفضل في العالمين، وما كرَّمكم به على الأولين والآخرين، يقول الله عز وجل: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيْلاً [الإسراء:70] فلقد خلقكم الله في بطون أمهاتكم خلقاً من بعد خلق في ظلمات ثلاث، وهيأ لكم الأمن النفسي والغذائي، ثم أخرجكم من عالم الأجنة إلى عالم الحياة الدنيا: يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ [الانفطار:6-8] وزوَّدكم -تبارك وتعالى- بالسمع والبصر والعقل وسائر الجوارح: وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [النحل:78] وأنعم عليكم بالفهم والإدراك، وحثَّكم على التفكر في مخلوقاته، وما سخر لكم في الكون من آياته الباهرة ونعمه الظاهرة في الأرض والسماء، في البر والبحر والفضاء، قال تعالى: قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ [يونس:101] إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ [الجاثية:3] .

فالله -عز وجل- خلق لعباده ما في الأرض جميعاً، وسخَّر لهم هذا الخلق ليتفكروا فيه، ويتبصروا في عظيم صنعه؛ ليكون دليلاً إلى طاعة الله رادعاً عن معصيته: وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الجاثية:13] وذمَّ سبحانه المعرضين عن التدبر والتفكر في آياته ومخلوقاته، فقال سبحانه: وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ [يوسف:105].......
كان السلف رحمهم الله يتفكرون في مخلوقات الله، ويتدبرون آياته الشرعية وآياته الكونية، ويحثون على ذلك، قال بعض السلف : "ما طالت فكرة امرئ قط إلا فَهِمْ، ولا فَهِمَ إلا عَلِمَ، ولا عَلِمَ إلا عَمِل" وقال بشر : لو تفكر الناس في عظمة الله تعالى لما عصوه، وذلك لأن التفكر في عجائب الخلق وأسراره يثمر تعظيم الخالق ومخافته، قال تعالى واصفاً عباده المؤمنين: وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [آل عمران:191].
إخوة الإسلام! إن دين الإسلام دين الشمول والكمال، فقد حثَّ على التدبر والتفكر في كون الله، وشجَّع على استخدام العقل والفهم، ولم يترك شيئاً فيه نفعٌ للبشرية وخيرٌ لها إلا حثَّ عليه ورغَّب فيه، ولم يقف جامداً أمام الاكتشافات العلمية والمخترعات الحديثة، بل أمر باستخدامها في نصرة الإسلام وحياضه، والدفاع عن المسلمين وبلادهم، قال تعالى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ [الأنفال:60] .

وما أحوج المسلمون اليوم إلى الاستفادة من العلوم المعاصرة، والصناعات الحديثة في ضوء العقيدة الإسلامية الصحيحة، فهي مصدر العزة والقوة والخير للبشرية جميعاً، وأنَّى لأمةٍ من الأمم مهما بلغت من التقدم العلمي والمادي والتحضر العصري، وإن ابتغت نفَقاً في الأرض أو سُلَّماً في السماء، أو جابت الأرض وغزت الفضاء أن تصل إلى ما تصبوا إليه من السعادة والقوة والنصرة والكرامة، وهي في معزل عن العقيدة الإسلامية، ومنأىً عن تحكيم الكتاب والسنة!

أمة الإسلام! لقد منَّ الله على البشرية في هذا العصر؛ إذ سخر لها ما نراه من الترقي في علوم الصناعة؛ الذي بلغ في زماننا -هذا- مبلغاً يفوق الوصف، فهذه المراكب البحرية والبرية والجوية، وهذه الآلات الحربية الحديثة التي تبهر العقول؛ بدقة صنعتها ووفرة منجزاتها، وأدائها لوظيفتها أداءً محكماً دقيقاً، وإن هذه الأمور من ابتلاء الله لخلقه؛ لينظر من يستعين بها على طاعته، ويشكره عليها، ممن يكفر بها ويستعملها فيما يُسخط الله.

ويجب على المسلمين أن يعلموا أن ما وصلوا إليه من تقدم في مجالات الحياة لا يمكن أن يحصل لولا تعليم الله عز وجل، فلو شاء لسلبهم العلم، وكانوا جاهلين بمصالحهم، ولكنه تعالى منَّ عليهم بالعلم والقدرة، ومهما أُوتي العباد من علم وقدرة فإنه يسيرٌ جداً بالنسبة إلى علم الله وقدرته.

فعلينا أن نعتبر بهذه الوسائل الحديثة، على كمال الله علماً وقدرةً ورحمة، وأنه وحده الخالق لهذه الأمور كلها: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ [الصافات:96] فهو الذي أبدع هذه الصناعات، وهو الذي خلق صانعيها، وهو الذي دلَّهم وفهَّمهم، ومنَّ عليهم بالإدراك والعلم والعقل، وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ [الأنعام:137].

كما ينبغي أن تزيد هذه المبتَكرات الجديدة في إيمان المؤمنين، وتمسكهم بكتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، فلا يمكن أن يحدث شيء من المحسوس، أو يُعلَم شيء من المعقول يخالف ما جاء به الكتاب والسنة أبداً، بدون تأوُّل أو تمحُّل.

وقد أعمى الله بصائر الكفار والمنافقين، فلم يعتبروا بهذه الآيات على عظَمة الخالق عز وجل، وكماله وقدرته وعلمه، فيفردوه بالعبادة، بل نظروا إليها نظرة التمتع العاجل بها، وكفروا بخالقها، وجحدوا نعمته، ونسبوا ذلك إلى علمهم وحولهم وقوتهم وعقولهم؛ فاغتروا بها وطغوا ولم يعتبروا بمن قبلهم.

نسأل الله عز وجل أن يرزقنا التفكر في مخلوقاته، والتدبر في آياته، وأن يجعل ما أفاء على البشرية من العلوم، والصناعات، والمخترعات، خيراً للإسلام ونصرةً له، ودفاعاً عن المسلمين وبلادهم، وأن يصرف عنهم شر ذلك، ونقمته وفتنته، كما نسأله تعالى أن يُوفِّق شباب المسلمين، وأن يبلغهم فيما يرضيه آمالَهم وطموحاتِهم إنه أعظم مسئول.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


: الخطبة الثانية :


الحمد لله الذي علَّم بالقلم، علَّم الإنسان ما لم يعلم، وأشهد أن لا إله إلا الله الغني الأكرم، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إلى العرب والعجم، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه.

أما بعد:

فيا عباد الله! اتقوا الله تعالى، واشكروه على ما سخَّر لكم من النعم العظيمة، وتفكروا في مخلوقاته، واعملوا بطاعته واحذروا معصيته، وثقوا بوعد الله لكم بالنصر والتمكين والقوة؛ إنْ تمسَّكتم بدينكم وأعليتم كلمته، وسخَّرتم ما أنعم عليكم مما علَّمه الله تعالى لخلقه؛ من العلوم المتعددة، والوسائل المختلفة للدفاع عن الإسلام وإعزاز أهله وبلاده.

واعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.

وصلوا وسلموا -رحمكم الله- على نبينا محمد بن عبد الله، كما أمركم الله بالصلاة والسلام عليه بقوله: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56] اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وارضَ عنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.

اللهم وفق المسلمين لما تحب وترضى، اللهم وفقهم إلى العودة الصادقة إلى دينك القويم يا رب العالمين.

اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رُشد؛ يُعَز فيه أهل طاعتك، ويُذَل فيه أهل معصيتك، ويُؤمر فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر، يا سميع الدعاء.

اللهم وأظهر الهدى ودين الحق الذي بعثت به نبيك محمداً صلى الله عليه وسلم على الدين كله، ولو كره المشركون.

اللهم أصلح قادة المسلمين وعلماءهم، وشبابهم وشيبهم ونساءهم يا رب العالمين.

اللهم وفقنا لما تحب وترضى.

اللهم أيد بالحق إمامنا، اللهم وفقه لهداك، واجعل عمله في رضاك، اللهم اجعله سنداً للمسلمين، ونصيراً ومعيناً لهم يا أرحم الراحمين.

اللهم وفق ولاة أمور المسلمين في كل مكان، وارزقهم تحكيم كتابك، وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم يا أرحم الراحمين.

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ.

عباد الله! إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.......[b][b]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فقه الأخلاق

فقه الأخلاق


عدد المساهمات : 66
التقييم : 5482
تاريخ التسجيل : 22/09/2009

خطب الشيخ المنبرية المفرغة Empty
مُساهمةموضوع: رد: خطب الشيخ المنبرية المفرغة   خطب الشيخ المنبرية المفرغة Emptyالجمعة أكتوبر 23, 2009 8:32 am

ولا تفرقوا




:الخطبة الاولى:
[/color]
الحمد لله، وبحمده يستفتح الكلام، والحمد لله حمده من أفضل ما تحركت به الألسن وجرت الأقلام، أحمده تعالى على الدوام، وأشكره على ما هدانا للإسلام، وأبان لنا الحلال والحرام، وشرع لنا الشرائع وأحكم الأحكام، وأمرنا بالبر والاجتماع على الحق والاعتصام، ونهانا عن الجفاء وسائر الآثام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك القدوس السلام، ولي كل إنعام، ذو الآلاء الجسام، والمنن العظام، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، هو للأمة بدر التمام، وللأنبياء مسك الختام، المصطفى من الرسل والمجتبى من الأنام، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله البررة الكرام، وصحبه الأئمة الأعلام، والتابعين، ومن تبعهم بإحسان.

أما بعــد:

فيا أيها المسلمون: اتقوا الله تبارك وتعالى حق التقوى، فتقوى الله عروة ليس لها انفصام، وقدوة يأتم بها الكرام، وجذوة تضيء القلوب والأفهام، من تمسك بها سلم من محذور العواقب، ومن تحقق بحملها وقي من شرور النوائب.

فاتقوا الله عباد الله: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [الأنفال:1].

أيها الإخوة المسلمون: من أهم ما يميز هذه الأمة أمة محمد صلى الله عليه وسلم أنها أمة متوادة متراحمة متكاتفة متلائمة متحابة، تبني أفرادها، وتقيم مجتمعاتها على أسس التعاون المشترك والتقدير المشاع، وتؤسسها على قواعد الحب المتبادل، والتعامل الرفيق، والسلوك الرقيق، لا مكان في المجتمع الإسلامي للأثرة الممقوتة، والأنانية البغيضة، والفردية المتسلطة، قلوب أفراده مفعمة بالمحبة لإخوانهم، وألسنتهم ثرة بذكر محاسنهم، وعد فضائلهم، حذرة من الوقيعة في أعراضهم، والنيل من كرامتهم، لا يحملون الحقد الدفين، ولا ينشرون الكذب المبين، فهذا مسلك أهل اللؤم والوضاعة، والخسة وقلة المروءة.

لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب ولا ينال العلا من طبعه الغضب


ولقد أحاط الإسلام المجتمع المسلم بسياج منيع، وحصن حصين ينبع من الداخل يحول دون تصدع بنيانه وتزعزع أركانه، ويعلي أعلام المحبة خفاقة على أرجائه، ورايات الإخاء مخيمة على جنباته، وأقام الضمانات الواقية، والحصانات الكافية التي تحول دون معاول الهدم والتخريب أن تتسلل إلى جبهته الداخلية، فتعمل عملها فرقة وتأليباً، وهدماً وتخريباً.

وعلى أهل الإسلام أن يعيشوا بالمحبة في الله، ورعاية إخاء الإسلام، ورباط الأخوة الإسلامية بعيداً عن النعرات والعرقيات، وفي منأى عن الحزبيات والحزازات، وأن يسعوا لإصلاح ذات البين، وحفظ الألسنة من الوقيعة في الأعراض، وسلامة القلوب من الغل والشحناء والحقد والبغضاء، وأن يقفوا سداً منيعاً أمام الجرائم الأخلاقية، والأمراض الاجتماعية، وغوائل الشرور، وبوائق القطيعة، وأدواء القلوب والصدور حتى يسلم المجتمع من التفكك الاجتماعي، والتمزق الأسري، بل والخلاف العقدي والسياسي والفكري، وغيرها مما يأتي على بنيان المجتمع من القواعد، ويحوله إلى مجتمع صراع دائم، وتفكك مستمر ومحن متكاثرة، وفئات متناحرة، فيصبح مجتمع الأخوة والوحدة مجتمع أشتات متناثرة وأفراد متناثرة وآحاد متناثرة وأحزاب متناكرة، وويل للمجتمع يومئذٍ من أعدائه المتربصين حيث سيكون لقمة سائغة لهم.
أيها الإخوة في الله: ولما للوحدة والتضامن والاجتماع والإخاء من منـزلة عظيمة، وآثار فريدة، ولما للفرقة والخلاف والتنازع والشقاق من آفات وأمراض كثيرة، وشرور مستطيرة، فقد جاء ديننا الحنيف بالحث على التآلف والمودة واجتماع الكلمة ووحدة الصفوف، والتحذير الشديد من التنافر والفرقة والشقاق والتنازع، فكان من أهم ما جاء به الإسلام بعد عقيدة التوحيد، وكلمة التوحيد توحيد الكلمة ولم الشعث وجمع الشمل؛ لأن في ذلك سر بقاء أهل الإسلام، وضمانة انتصارهم على أعدائهم، وصلاح أمورهم في دينهم ودنياهم وأخراهم، يقول عز وجل: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً [آل عمران:103].

وعند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {إن الله يرضى لكم ثلاثاً: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم } وقد ضُمنِت لهم العصمة من الخطأ عند اجتماعهم، وخيف عليهم الافتراق والاختلاف، وقد وقع ذلك في هذه الأمة فافترقت، وستفترق على ثلاث وسبعين فرقة منها فرقة ناجية إلى الجنة، ومسلمة من عذاب النار، وهم الذين كانوا على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

يقول الله عز وجل أيضاً: إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:92]، ويقول سبحانه وتعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ [الأنفال:1]، ويقول جل وعلا: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ [الشورى:13]، ويقول جل وعلا: الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ [الأنعام:159]، ويقول سبحانه وتعالى: وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ [الأنفال:46]، ويقول جل وعلا: مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ [الروم:31-32].

أيها المسلمون: وما شرع الإسلام صلاة الجمعة والجماعة والعيدين، وما شرع الزكاة والحج ونحوها إلا لمواساة المسلمين بعضهم بعضاً، وليحصل الوئام والتآلف، وما آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار، وقضى على ما كان بين الأوس والخزرج إلا طلباً لمصلحة الاتحاد والإخاء، وما ظهر أمر المسلمين وقويت شوكتهم، وانتصروا على أعدائهم، وفتحوا البلاد، وقادوا العباد، وصاروا أئمة هدى، ومصابيح هدى ودجى، ودعاة خير وتقى إلا باتحادهم، وبقراءة التاريخ الإسلامي يتجلى ذلك بحمد الله، وما للضعاف المتفرقين الذين استحكمت فيهم الأثرة والبغضاء، وسرت فيهم الخلافات والتفكك إلا أن يدفعوا عن أنفسهم غوائل الأعداء، ومكر الألداء.
أمة الإسلام: لقد مرت على هذه الأمة فترات من تاريخها اتحدت فيها صفوفها واجتمعت كلمتها، فعاشت عزيزة كريمة مرهوبة الجانب، ولما دب إليها داء الفرقة والخلاف، انقسمت الأمة الواحدة إلى أحزاب متناثرة، وأمم متناثرة، ولا يزال هذا الداء العضال والمصاب الجلل جاثماً في جسد هذه الأمة، ومستحوذاً على قلوب الشعوب، وأعظم محنة وأشد فتنة أصيبت بها هذه الأمة اليوم هي محنة الفرقة المستحكمة والخلاف المستمر على كل صعيد، وفي كل مستوى، حتى في أبناء الأسرة الواحدة يذكيه الشيطان ويُغليه الهوى، فغلب الشقاق على حياة كثير من الناس إلا من عصم الله، وسادت القطيعة، وعم الجفاء والشحناء، وتنافرت القلوب، وسادت الوحشة والظنون السيئة، وراجت سوق الغيبة والنميمة والبهتان وتناول أعراض الناس، والسعي في الفساد بينهم، فتعمقت الفجوة، واتسعت الهوة، فأصبحت حالة كثير من الناس محزنةً للصديق مفرحةً للعدو، والله المستعان.

فيا أمة الإسلام: لماذا الاختلاف والدين واحد؟

لماذا الفرقة والأصل واحد، والقبلة واحدة، والأمة واحدة؟

إلى متى الفرقة وأنتم تدركون ما فيها من الضرر والفساد؟

وهل يختل نظام المجتمع، وتنتشر الفوضى والاضطرابات، وتتصدع أركان الأمة، وتتهدد عروشها، وتنهد حضاراتها إلا بتفرق أهلها وتنازعهم.

وهل تتعطل مصالح البلاد ومنافع العباد إلا بالتفكك والاستبداد للآراء واتباع الأهواء.

وهل يتسلط الأعداء ويتمكنون في رقاب الناس إلا بتضارب الآراء وتحكيم العقول والأهواء، وانتشار الأحقاد والحزازات الشخصية والنزعات الفردية، ففيمَ الاختلاف -يا عباد الله- والإسلام هو الجامع؟

وإلى متى التفرق يا أمة الوحدة والألفة والإخاء؟

إنه لعجيب أمر المسلمين! كيف يرضون لأنفسهم هذه الحالة مع أن الشرائع قد أجمعت والعقول قد أطبقت على ضرر الفرقة وسوء أثرها في الأمة، فما أصابت أمةً إلا أهلكتها، وقضت على وجودها.

نعم أيها المسلمون: إن اختلاف الأفهام، وتباين الآراء ليس بمنكر، ولا مستغرب، بل هو من طبع البشر، ولكن الشأن كل الشأن ألا يكون ذلك سبباً للتقاطع والشقاق والتنافر والحسد والحقد والبغضاء، وإنه مما يؤسف له أن كثيراً من الناس قد ابتلوا بهذا الداء، ودأبوا على إحياء بذور الشقاق وغوائل الشرور بين المسلمين، فيتخاصمون ويتقاطعون ويتدابرون لأسباب شخصية وأمور مادية، وقد يكونون أقارب، أو جيران، وبعض الناس يجعلون من الخلاف فيما فيه سعة ومندوحة طريقاً للتناحر والتشاجر والقطيعة، وأخطر ذلك حينما يكون من يفعل ذلك من المنتسبين إلى العلم، أو الإصلاح، أو الدعوة.
فيا قادة المسلمين! ويا أهل الرأي والفكر! ويا رجال العلم والدعوة والإصلاح! اتقوا الله في أنفسكم وأمتكم، احملوا رايات التضامن والتآلف بين المسلمين قادةً وشعوباً، رعاةً ورعيةً على عقيدة التوحيد ومنهج السلف الصالح رحمهم الله، واحرصوا على رأب الصدع وجمع الكلمة ووحدة الصف وتضييق مجاري الخلاف، والقضاء على أسباب النـزاع والخصومات.

يا عباد الله! أعداؤكم يقيمون أحلافاً واتحادات وتكتلات للقضاء على الإسلام واحتلال دياره والكيد لأبنائه، والمسلمون أولى أن يقوموا بذلك، وإن لم يجمعهم الحق، فرقتهم الأهواء بالباطل، فوصيتي إلى المسلمين جميعاً من منبع الوحدة والإخاء أن يصلحوا ذات بينهم، ويبتعدوا عن التحريش والخصومات، وأن يعملوا على حب الخير والولاء للمسلمين جميعاً، ويحرصوا على سلامة الصدور وطهارة القلوب من الأحقاد، وسل الضغائن من النفوس، ليكونوا يداً واحدةً على أعدائهم، وإن بوادر التآلف وبذور الاجتماع والوحدة لتبشر بالخير في الأمة الإسلامية، فالأمة بخير، ولا زالت بخير بحمد الله، ونسأل الله أن يزيدها من الخير والتوفيق لتعود إلى سالف مجدها وغابر عزها وقوتها، وما ذلك على الله بعزيز.
أيها المسلمون: إن هناك مظاهر غريبة، وأحداثاً خطيرةً، ووقائع كثيرةً تبين مدى تقهقر وتوتر العلاقات الاجتماعية بين الناس حتى بين أبناء الأسرة الواحدة والرحم والقرابة، ولعلها من إفرازات ضعف الإخاء الإسلامي بين أهل الإسلام، بل بين ذوي القربى وأهل الأسرة الواحدة، فيؤلمك ما آل إليه أمر كثير من الناس من التفكك الاجتماعي الرهيب حتى حصلت النـزاعات، ونشبت الخصومات، ورفعت الدعاوى، وكثرت الشكاوى من أجل خلافات يسيرة حول شيء حقير من حطام هذه الدنيا الفانية، ولربما تضخمت المشكلة، وتعقدت القضية، وتدخل أهل الإصلاح، فيأبى المتخاصمون إلا التشفي والانتقام والثأر وتحكيم حظوظ النفس والهوى، لماذا كل هذا أيها المسلمون؟

ويتملكك العجب من بيوت وأسر عصفت بها الخلافات، فتقاطع الأبناء والآباء، قاطع الأبناء آباءهم، وأهمل الآباء أبناءهم، وهجر الأخ أخاه، وطلق الرجل زوجته، وتقاطعا؛ بل وتقاتل أبناء العمومة والخئولة، عياذاً بالله!

إن الأمر خطير جد خطيرٍ -أيها المسلمون- لا سيما إذا كان بين القرابة والأرحام، والله عز وجل يقول: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:22-23].

لقد وصل الحال ببعض الناس أن تمر الأشهر والسنوات وهو لا يعرف عن أقاربه شيئاً، بل ولا يسأل عنهم، ولا يكلف نفسه، ولو برفع سماعة الهاتف ليصلهم ويسلم عليهم ويتفقد أحوالهم.

نعوذ بالله من قسوة القلوب وتبلد المشاعر، وضمور الضمائر، وموت الأحاسيس، واستحكام الدنيا في النفوس، فلأجل حفنة من المال، أو شبر من الأرض، أو مشادة كلامية، أو وشاية نقلها مغرٍ، أو شائعة، أو سوء فهم، تنقطع الأواصر، وتنحل الوشائج، وتنفصم عرى المحبة، وتتحول إلى ضغائن وأحقاد، وتشهير بالمجالس، وظنون سيئة، بل وإلى قطيعة مستديمة، وفرقة مستحكمة، والعياذ بالله.

وكذلك حال الجيران بعضهم مع بعض، فالواقع أن هناك تقاطعاً كبيراً وتدابراً واضحاً بين كثير من الجيران -هداهم الله- جارك الذي تربطك به علاقة الجوار، وفرض له الإسلام حقوقاً كثيرةً، قد تمر على بعض الناس أشهر، بل أكثر وهو لا يعرف عن جاره شيئاً، قد يمرض ويعافى، ويسافر ويرجع، بل قد يموت ويدفن، وهو يهز كتفيه، وكأن الأمر لا يعنيه في قليل، ولا كثير، الله المستعان!

وكذلك ما يحصل بين الأخوة في الله والأصدقاء والزملاء، يجب أن تراعى بينهم حقوق الأخوة في الله، وآداب الصحبة، فلا ولاء إلا لله، ولا بغض إلا في الله، في بعد عن الانتماءات الحزبية.
يجب أن تتسع الصدور للخلاف في وجهات النظر والتباين في الفروع والوسائل ما دام أن الاعتقاد صحيح، وإنك لترى في ذلك عجباً لما أسيء مفهوم الولاء والبراء، وأخذ على الميل والهوى، فحصل البراء من أجل خلاف يسير، والجفاء من أجل أمر صغير، وذلك يتطلب فقهاً وخوفاً من الله.

وإن أولى الناس بتحقيق الوحدة هم قادة المسلمين وولاة الأمر فيهم، فيجمعون قلوبهم على كتاب الله، وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتحكيم شريعة الله في أرض الله على عباد الله، ويكونوا صفاً واحداً أمام أعداء الأمة الإسلامية، ولقد تطلعت أنظار الأمة في هذه الأيام إلى مؤتمر القمة الإسلامي الذي عقد خلال هذا الأسبوع، فأمِلَ الغيورون على أوضاع أمتهم وأحوال مجتمعاتهم أن يكون فيها تحقيق للآمال، وتخفيف للآلام، ووحدة للصف على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والدفاع عن قضايا المسلمين، لا سيما قضية القدس الشريف، والمسجد الأقصى المبارك، ليكون حراً طليقاً تقر به أعين المسلمين، وتنشنأ به نفوس الأعداء المتربصين والغاصبين الغاشمين المعتدين.

وكذلك قضية البوسنة والهرسك ، والضغط على الصرب الظالمين لرفع الحصار عن إخواننا هناك، وكذلك قضية كشمير وغيرها من قضايا الأمة الإسلامية، وإلى مزيد من دعم القضايا العادلة، ودعاء الأمة جميعاً مرفوع إلى الله سبحانه وتعالى بأن يكلأ قادة المسلمين وشعوبهم بالتوفيق إلى ما يحبه ويرضاه، وأن يجمع قلوبهم على كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم إنه جواد كريم.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

:الخطبة الثانية:

الحمد لله أولاً وآخراً، والشكر له باطناً وظاهراً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسانٍ إلى يوم الدين.

أما بعــد:

فاتقوا الله عباد الله، واذكوا روابط الإخاء الإسلامي بينكم، وغذوا وشائج الصدق والمحبة في مجتمعاتكم، واعلموا أنه لا علاج لداء الفرقة والخلاف والتفكك الاجتماعي إلا بتتبع أسبابه وأعراضه، والجد في القضاء عليها يصحب ذلك نية صالحة، وعزيمة صادقة، ورغبة وقناعة واحتساب فيما عند الله من الأجر والثواب، وتذكر الله والدار الآخرة، وتحكيم للشرع الحق والعقل الفذ والاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وليكن كل واحد منكم -أيها المسلمون- جاداً في علاج هذا الداء العضال، ويكون مفتاحاً للخير والفضيلة مغلاقاً للشر والفتنة والقطيعة والرذيلة.

وقد جاء في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يهجر المسلم أخاه فوق ثلاث ليال، كما نهى عن التدابر والتقاطع، والتحاسد والتباغض، وأن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون، فعمل على التحريش بينهم وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ [الإسراء:53] وإنه حينما ترفع الأعمال إلى الله في كل يوم إثنين وخميس، يغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً إلا رجلاً كان بينه وبين أخيه شحناء، فيقول: {أنظروا هذين حتى يصطلحا }.

إن حقاً على كل متشاحنين لا سيما من القرابة والأرحام والأخوة في الله أن يصطلحوا، وأن يجمعوا قلوبهم، وأن يتقوا الله في أنفسهم، وأن يستعيذوا بالله من نزغات الشيطان الرجيم.

فيا أيها المتشاحنون! اصطلحوا فيما بينكم، فإن متاع الدنيا قليل.

ويا أيها المتخاصمون! سطروا على صفحات مجتمعاتكم أحرف الوفاء والإخاء والمحبة والوئام، أريحوا المحاكم ودور الشرطة عن الرفع بالخصومات والمشكلات، وعاهدوا ربكم أن تكونوا إخوة متحابين كما أراد الله لكم، وكما كان سلفكم الصالح رحمهم الله، فحققوا الخير لأنفسكم ومجتمعاتكم.

ألا وإن من أهم أوجه الوحدة والبعد عن الخلاف وحدة العلماء وطلبة العلم والدعاة إلى الله وائتلاف قلوبهم والتزامهم بالجماعة، وتفويت الفرص على الأعداء المتربصين، وفقه الخلاف، وضوابط الحوار، والتعقل والحكمة، وسلامة الصدور، ليتحقق لهم الخير الذي يريدون، والأمة جميعها مطالبة قادتها وشعوبها، علماؤها وعامتها، شبابها وشيبها، رجالها ونساؤها، صغارها وكبارها أن تجتمع على عقيدة التوحيد الصافية السليمة من لوثات الشرك والبدع، وتخصيص بعض الأزمنة، لا هذا الشهر ولا غيره بعبادات لم يشرعها الله عز وجل، ولم يأت بها رسول الهدى صلى الله عليه وسلم، ولم يسر عليها سلف هذه الأمة.

جمع الله القلوب، ووحد الصفوف، وأغاض الأعداء بتضامن المسلمين بمنه وكرمه، ألا وصلوا وسلموا -رحمكم الله- على البشير النذير، والسراج المنير كما أمركم بذلك اللطيف الخبير، فقال عز من قائل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56].

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبد الله، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، اللهم برحمتك ألف بين قلوب المسلمين، اللهم أصلح ذات بينهم، واهدهم سبل السلام، وجنبهم الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن.

اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منا وما بطن عن بلدنا هذا خاصة، وعن سائر بلاد المسلمين عامةً يا رب العالمين.

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفق ولي أمرنا وإمامنا إلى ما تحبه وترضاه، اللهم وأعنه على أمور دينه ودنياه، واجمع به كلمة المسلمين على الحق والهدى يا رب العالمين، واجعله رائداً لتضامن المسلمين يا ذا الجلال والإكرام، وارزقه البطانة الصالحة يا حي يا قيوم.

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث، ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغث قلوبنا بالإيمان والاجتماع على الحق والاعتصام بكتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم، وأغث بلادنا بالخيرات والأمطار يا رب العالمين.

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءوفٌ رَحِيمٌ.

عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.





[/b]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
العقل الماسي

العقل الماسي


عدد المساهمات : 22
التقييم : 5390
تاريخ التسجيل : 23/09/2009

خطب الشيخ المنبرية المفرغة Empty
مُساهمةموضوع: رد: خطب الشيخ المنبرية المفرغة   خطب الشيخ المنبرية المفرغة Emptyالجمعة أكتوبر 23, 2009 10:11 pm

جزاكـــــــــــــالله خير على مجهودك الاكثر من رائع

في انتظار جديدك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فقه الأخلاق

فقه الأخلاق


عدد المساهمات : 66
التقييم : 5482
تاريخ التسجيل : 22/09/2009

خطب الشيخ المنبرية المفرغة Empty
مُساهمةموضوع: رد: خطب الشيخ المنبرية المفرغة   خطب الشيخ المنبرية المفرغة Emptyالأربعاء أكتوبر 28, 2009 12:19 am

[b]عاقبة المكذبين



:الخطبة الاولى:


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونتوب إليه ونستغفره ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن سار على نهجهم، وسلك سبيلهم إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعـد:

أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى وراقبوه، وتمسكوا بدينه ولا تعصوه، وقد تكفل الله عز وجل لمن تمسك بدينه أن يسعد في الدارين، كما وعد من أعرض عن صراطه المستقيم، وحاد عن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم بالعذاب والشقاء في العاجل والآجل ، وتلك سنة الله في المؤمنين، وسنته في المعرضين، قديماً وحديثاً ولن تجد لسنة الله تبديلاً.

ولن يضيع -يا عباد الله- من أخذ العبرة بما يقرأ ويسمع ويرى، مما يجري من الحوادث والعقوبات في القرون الماضية، والأمم الحاضرة، فإن السعيد من وعظ بغيره، والشقي من لم يرفع بذلك رأساً، ولم يعتبر بما حل ويحل بالأمم المكذبة، فأصر على ما هو فيه من فسادٍ وضلال، حتى يصيبه ما أصابهم، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ [الرعد:11].
وفي كتاب الله تعالى من أخبار الأمم المكذبة، وما حل بهم من عذاب الله، ما فيه مزدجر وذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، وكل ما حصل لهم، إنما هو بسبب إعراضهم، وتكذيبهم لرُسل الله، واستمرارهم في ذنوبهم وطغيانهم، يقول تعالى مذكراً ومنذراً: فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [العنكبوت:40].
أمة الإسلام: إن المتأمل في أحوال المسلمين، في هذا الزمن، يدرك أنهم في حالة خطرٍ شديد، إن لم يستدركوا أمورهم، ويصلحوا ما فسد من أحوالهم، فإننا لا نزال نسمع ما يجري حولنا في البلاد المجاورة، من العقوبات المتنوعة، كالزلال المدمرة، والأعاصير الشديدة، والفيضانات الغامرة، والحروب الطاحنة، والمجاعات الرهيبة، والأمراض الفتاكة، والخوف والشقاء، وانعدام الأمن على الأنفس والأموال والأعراض، وكل هذا يا عباد الله! بسبب ذنوب العباد، وابتعادهم عن دين الله، والتنكر له، والإعراض عن هديه، يقول عز وجل: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحىً وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ [الأعراف:69-99].
قال الإمام العلامة ابن القيم رحمه الله: لما أعرض الناس عن تحكيم الكتاب والسنة، والمحاكمة إليهما، واعتقدوا عدم الاكتفاء بهما، عرض لهم من ذلك فسادٌ في فطرهم، وظلمةٌ في قلوبهم، وكدرٌ في أفهامهم، ومحق في عقولهم، وعمتهم هذه الأمور، وغلبت عليهم، حتى نشأ عليها الصغير، وهرم عليها الكبير، فلم يروها منكراً، فجاءت دولةٌ أخرى، قامت فيها البدع مقام السنن، والهوى مقام الرشد، والضلال مقام الهدى، والمنكر مقام المعروف، والجهل مقام العلم، والرياء مقام الإخلاص، والباطل مقام الحق، والكذب مقام الصدق، والمداهنة مقام النصيحة، والظلم مقام العدل، فصارت الغلبة لهذه الأمور، فإذا رأيت هذه الأمور قد أقبلت، وراياتها قد نصبت، فبطن الأرض والله خير من ظهرها، إلى أن قال رحمه الله: اقشعرت الأرض، وأظلمت السماء، وظهر الفساد في البر والبحر من ظلم الفجرة، وذهبت البركات، وقلت الخيرات، وهزلت الوحوش وتكدرت الحياة من فسق الظلمة، وبكى ضوء النهار وظلمة الليل من الأعمال الخبيثة، والأفعال الفظيعة، وشكى الكرام الكاتبون والمعقبات إلى ربهم من كثرة الفواحش، وغلبة المنكرات والقبائح.

وهذا والله مؤذن بسيل عذابٍ قد انعقد غمامه، ومؤذنٌ بليل بلاءٍ قد ادلهم ظلامه، فاعتزلوا عن سلوك هذا السبيل بتوبةٍ نصوح، ما دامت التوبة ممكنة وبابها مفتوح: وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ [الشعراء:227].

إخوة الإسلام: هذا ما وصفه ذلك الإمام العظيم، في القرن السابع، فما بالكم بأهل هذا القرن؟! الله المستعان! لا ريب أن الأمر أشدُ وأخطر، إذ أصبح الإسلام غريباً بين أهله، وقد اكتفى أكثر الناس من الإسلام باسمه، والانتساب إليه دون عملٍ بأحكامه، فعقائدهم وعباداتهم قد داخلها الشرك والخرافة والبدعة والضلالة، ومعاملاتهم استولى عليها الغش والظلم والخديعة، وأخلاقهم قد جردت عن الفضيلة، وغزتها الرذيلة، إلا من عصم الله، وأموالهم شابها التعامل المحرم؛ من الربا والرشوة والظلم والسرقة وغيرها، وأنظمتهم دنستها القوانين الوضعية، وشبابهم قد أغرق في اللهو بأنواعه، وضيع واجبه ورسالته في الحياة، ونساؤهم قد تخلين عن الحياء والعفة، والفضيلة والحشمة، وكُنَّ سبباً في إشعال نار الفتنة، بأعمالهن الفاضحة المخالفة للسنة، حتى عمّ الفساد في البلاد والعباد، وجاهر الناس بالمنكرات والمحرمات، وأضيعت الصلوات، واتبعت الشهوات، وضعف أهل الإيمان، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فإلى متى الغفلة أيها المسلمون؟! إن هذا والله منذرٌ بخطرٍ عظيم، وبلاءٍ عاجل، إن لم نصحُ من غفلتنا، كما يتطلب هذا الوضع، يقظةً عامة، وصحوةً رشيدة، للقادة المسلمين، وعلمائهم، والدعاة إلى الله، ليصلحوا ما فسد من أحوالهم، قبل أن يحل بهم ما حل بغيرهم، فاعتبروا يا أولي الأبصار: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الروم:41].

أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إن الله تعالى يغار، وغيرة الله تعالى أن يأتي المرء ما حرم الله عليه }.

اللهم ردنا إليك رداً جميلاً، اللهم أصلح فساد قلوبنا، وتب علينا، ولا تؤاخذنا بذنوبنا، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.



:الخطبة الثانية:



الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير، أحمده وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيا عباد الله: اتقوا الله تعالى، واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله، واعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعةٍ ضلالة.

إخوة الإسلام: إنه إذا انتشر الفساد، وظهر الإلحاد، وجاهر الناس بالذنوب، ولم يجدوا من يأخذ بأيديهم، حيث تخاذل الناس في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فغيرُ عزيزٍ على الله سبحانه، وهو ذي العقاب الأليم، والبطش الشديد، أن يصيبهم بما أصاب من قبلهم، ومن حولهم من المكذبين: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ [الأنعام:65].

وقال تعالى في المكذبين محذراً من يفعل أفعالهم: دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا [محمد:10] وقال: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ [الفجر:14] وقال سبحانه: وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ [هود:83].

فاتقوا الله أيها المسلمون! وقوموا بما أوجب الله عليكم، وخذوا على أيدي سفهائكم، واشكروا نعمة الله عليكم بالعمل بشريعته، وأدوا الأمانة التي تحملتموها: {فكلكم راعٍ وكلكم مسئولٌ عن رعيته } كما صح بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أخرجه البخاري رحمه الله عن ابن عمر رضي الله عنهما، وكلٌ على حسب حاله ومسئوليته، وليس أحدٌ معذوراً أمام الله: أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ [النحل:45-47].

واعلموا عباد الله! أن الله أمركم بالصلاة والسلام على رسوله، فقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56].

اللهم صلِّ وسلم وبارك على إمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وارض عنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، وانصر المسلمين في كل مكانٍ يا رب العالمين، اللهم آمنا في أوطاننا، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل اللهم ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.

اللهم وفق إمامنا لهداك، اللهم أيده بتأييدك، اللهم انصره بالإسلام يا رب العالمين، اللهم ارزقه البطانة الصالحة، اللهم ارزقه البطانة الصالحة يا أرحم الراحمين، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.

رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ.

فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
إيمان الإمام
مشرفة قسم عذوبة الشعر
مشرفة قسم عذوبة الشعر
إيمان الإمام


عدد المساهمات : 61
التقييم : 5454
تاريخ التسجيل : 02/09/2009
العمر : 41

خطب الشيخ المنبرية المفرغة Empty
مُساهمةموضوع: رد: خطب الشيخ المنبرية المفرغة   خطب الشيخ المنبرية المفرغة Emptyالخميس نوفمبر 19, 2009 5:48 am

بوركت



وكفيت



ورزقت



وجزيت الجنة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ريماس




عدد المساهمات : 6
التقييم : 4944
تاريخ التسجيل : 09/11/2010

خطب الشيخ المنبرية المفرغة Empty
مُساهمةموضوع: رد: خطب الشيخ المنبرية المفرغة   خطب الشيخ المنبرية المفرغة Emptyالثلاثاء نوفمبر 09, 2010 5:42 pm

بارك الله فيك

الله لايحرمك اجر تعبك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
خطب الشيخ المنبرية المفرغة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنتدي الرسمي للشيخ السديس :: قاعة فضيلة الشيخ السديس :: شبكة الدورة العلمية للشيخ السديس-
انتقل الى: